سنتناول في السطور التالية قصة عمر المختار مختصرة من خلال التعرف على الاسباب التي ساهمت في تكوين شخصيته وثقلته لكي يصبح ملهماً لكل من يستمع إلى قصته بما فيهم أعدائه
من هو عمر المختار ولماذا اشتهر؟
عمر المختار هو إمام وزعيم المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي في ليبيا. ومن ألقابه ” شيخ المجاهدين” و”أسد الصحراء” و”شيخ الشهداء”. ولد عام 1858م وهناك أقوال بأنه ولد عام 1862م بقرية جنزور في منطقة الجبل الأخضر ببرقة شرقي ليبيا.
سبب شهرة عمر المختار هي لمقاومته الاحتلال الإيطالي وقيادته الثوار الليبين في حربهم ضد الاحتلال الإيطالي لمدة عشرين عاماً ومشاركته في العديد من المعارك والحروب الكبيرة.
قصة عمر المختار مختصرة
تربية عمر المختار ورعايته
كان والده يهتم بتربيته وتعليمه التعاليم الإسلامية وفقاً للحركة السنوسية، التي تستمد تعاليمها من القرآن الكريم والسنة النبوية. وفي صغره، توفي والده أثناء رحلته لأداء فريضة الحج في مكة. ووفقًا لوصية والده، تم تكليف الشيخ حسين الغرياني برعاية عمر المختار وأخيه.
وتم إدخال عمر المختار وأخيه إلى مدرسة القرآن الكريم في زاوية جنزور السنوسية، وبعد ذلك انضم عمر المختار إلى المعهد الجغبوبي، حيث قضى فيه 8 سنوات. درس فيه العلوم الشرعية المتنوعة مثل الفقه والحديث والتفسير.
صفات عمر المختار وشخصيته
في صباه، لفت عمر المختار انتباه شيوخه حتى وهو لا يزال في سن الشباب وأظهر ذكاءً بارزًا ونباهة وعقلانية والخلق الحسن وحب الدعوة وكان مخلصًا ومتفانيًا واشتهر بالجدية والحزم والاستقامة والصبر.
حصل عمر المختار على ثقة مشايخ الدعوة السنوسية وهو في سن مبكرة. ومن أحد عباراته: “إن قيمتي في بلادي -إذا ما كانت لي قيمة أنا وأمثالي- مستمدة من السنوسية”.
وقد كان عمر المختار نائباً للمهدي السنوسي في السودان لعدة سنوات. وكان إعجاب المهدي السنوسي به كبيرًا حتى أنه كان يقول: «لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم».
بمرور الوقت، اكتسب عمر المختار معرفة واسعة بالعلوم الدينية. وأصبح ملمًا بالبيئة المحيطة مع معرفة واسعة بالأحداث القبلية وتاريخها، بالإضافة إلى إتقان علم الأنساب وتقاليد القبائل وعاداتها، وكيفية التعامل مع النزاعات البدوية. وأصبح خبيرًا في الصحراء وطرقها ونباتاتها والماشية.
وصف الجنرال غراتسياني عمر المختار بأنه كان ذكيًا للغاية ومثقفًا ومتديناً، وبرغم أنه عاش حياة فقيرة حيث لم يملك شيئًا، كان متزودًا بالنزاهة والتواضع، وكان يتسم بطبع قاسي، ومع ذلك كان رحيمًا عندما تكون زمام الأمور في يده، وكان يتسم بأنه في غاية الولاء والإخلاص لوطنه.
وقال عنه: «ذنبه الوحيد أنه كان يكرهنا كثيراً»، كما يقول أيضاً: «لا يلين أبداً، ولا يهادن، إلا إذا كان الموضوع في صالح وطنه ليبيا، ولم يخن قيادته، فهو دائماً موضع الاحترام رغم التصرّفات التي تبدر منه في غير صالحنا»
سبب تلقيب عمر المختار بـ “أسد الصحراء”
أثناء رحلة عمر المختار مع شيخه من منطقة الكفرة إلى منطقة قرو في السودان، لاحظوا وجود أسد مفترس قرب القافلة. واحدهم اقترح تقديم الإبل كفدية لتجنب هجوم الأسد، ولكن عمر المختار رفض هذا الاقتراح.
وقال: «إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف قد أبطلت، فكيف يصحّ أن نعيدها لحيوان؟ والله إنها علامة ذلٍّ وهوان، والله إن خرج علينا لندفعه بسلاحنا»
وبعدها ذهب عمر المختار نحو الأسد وقتله وسلخ جلده وعلقه لتشاهده بقية القوافل. وعندما كانت تذكر هذه القصة أمام عمر المختار كان يرد: قال تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾.
رحلة نضال عمر المختار في مقاومة المحتلين
عمر المختار تحوَّل من مُعلّم للقرآن إلى مجاهد يقاتل الاحتلال الإيطالي في سبيل دينه وبلاده. واكتسب خبرة في الحروب الصحراوية أثناء مقاومته للفرنسيين في تشاد. واستغل معرفته بجغرافيا الصحراء وتشعباتها لمواجهة القوات الإيطالية المحتلة.
حيث كان يقود هجمات سريعة على الكتائب العسكرية الإيطالية. وتسببت هذه الهجمات في صدمة للمسؤولين العسكريين الإيطاليين وأحرجت الجيش الإيطالي أمام الرأي العام.
كما شارك عمر المختار في المعارك التي خاضتها كتائب السنوسية ضد الفرنسيين في تشاد في الفترة من عام 1899 إلى 1902، وكانت المنطقة التي جرت فيها المعارك في ذلك الوقت تابعة للأراضي الليبية.
وفي عام 1908،استدعي عمر المختار ليشارك ضمن المعارك بين قوات بريطانيا والسنوسيين على الحدود بين ليبيا ومصر.
وعندما أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية وبدأت بقصف مدن الساحل الليبي في 29 سبتمبر 1911، عاد عمر المختار بسرعة إلى “زاوية القصور” للجهاد ضد الاحتلال الإيطالي، والمشاركة في معركة السلاوي في نهاية عام 1911.
واستلم عمر المختار قيادة المجلس الأعلى للعمليات الجهادية، الذي خاض أهم المعارك ضد الاحتلال الإيطالي. وتحديدًا بعد انسحاب العثمانيين من ليبيا عام 1912 وتسليمها لإيطاليا وفقًا لمعاهدة لوزان.
وتمكن عمر المختار مع باقي المجاهدين من خوض حروب استمرت 20 عاماً ضد المحتليين الإيطاليين.
مرحلة أسر عمر المختار
كانت من عادات عمر المختار أن يتنقل سنويًا من محل إقامته إلى أماكن المجاهدين الأخرى لمتابعة أحوالهم، وكان يرافقه قوة لحمايته.
وأثناء إحدى رحلاته التفقدية الاعتيادية عام 1931 تم الكشف عن مكان المختار لإيطاليا. وقامت إيطاليا بمحاصرته، واندلعت معركة بينهم.
وبعدها تعرض عمر المختار لجروح في يده وخسر فرسه بضربة قاتلة. وتعذّر عليه سحب يده السليمة من تحت الفرس، ولم يتمكن من الدفاع بسبب جروحه. وقبضوا عليه ونقلوه إلى ميناء سوسة تحت حراسة كبيرة. وبعدها نقلوه بحراً إلى بنغازي.
وبعدها قام الاحتلال الايطالي بتقديم عمر المختار لمحاكمة عسكرية وهمية في بنغازي، وحكموا عليه بالإعدام شنقاً. ونفذوا الحكم أمام آلاف الليبيين في صباح يوم 16 سبتمبر 1931.
وقبل إعدامه، قال عمر المختار للضابط الإيطالي الذي كان يحقق معه كلمات أخيرة سطرها التاريخ: “نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”.
قصيدة الرثاء التي كتبها أحمد شوقي عن عمر المختار:
إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ
وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِ عَزاءَ
وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم يَبكونَ زيدَ الخَيلِ وَالفَلحاءَ
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ
فيلم عمر المختار
تم إنتاج فيلم “أسد الصحراء” عام 1981 وأخرجه المخرج السوري مصطفى العقاد، لتوثيق قصة المقاومة والكفاح لعمر المختار. وقام الممثل أنتوني كوين بتجسيد دور عمر المختار في الفيلم.
يمكنكم مشاهدة فيلم عمر المختار كامل عبر هذا الرابط:
رابط فيلم عمر المختار كامل مدبلج – شيخ المجاهدين – أسد الصحراء نسخة أصلية HD – YouTube
المصادر:
سعداء جداً بزيارتك 😊 لا تنسى مشاركة ما قرات ليستفيد غيرك ✨